مقدمـة:
أدت التحولات الاقتصادية والاجتماعية والفكرية التي نتجت عن الثورة الصناعية بأوربا الغربية
إلى تطور النظام الرأسمالي واشتداد التنافس الاستعماري، مما كان له تأثير عميق على العالم
خلال القرن 19 ومطلع القرن 20.
من خلال هذه التحولات نستكشف الإطار الزمني والمكاني لبرنامج مادة التاريخ.
І – الإطار الزمني لبرنامج مادة التاريخ:
أ- بالعالم الرأسمالي كمركز:
يشمل البرنامج الفترة التاريخية خلال القرنين 19و20، والتي تميزت بعدة أحداث مترابطة فيما بينها:
عرفت الأنظمة الرأسمالية تطورات مهمة بعد ظهور الآلة البخارية التي أدت إلى تطور الصناعة
ووسائل المواصلات، وكذا ازدهار المبادلات التجارية وتطور الأبناك مع ازدياد الحاجة للمواد الأولية
والأسواق الاستهلاكية، فاشتد التنافس بين الدول الرأسمالية، مما أدى إلى ظهور الحركة الامبريالية.
نتج عن التنافس الامبريالي تصاعد التحالفات والتسابق نحو التسلح واستعمار عدة بلدان، ثم قيام الحرب
العالمية الأولى.
وعموما يمكن إجمال التحولات التي عرفها العالم الرأسمالي، فيما يلي:
ـ سياسيا: ترسيخ دور ومكانة الدولة الأمة (تفشي النزعة الليبرالية والقومية).
ـ اقتصاديا واجتماعيا: تعزيز مكانة الرأسمالية الليبرالية، وظهور مجتمع رأسمالي جديد.
ـ فكريا: بروز الفكر الاشتراكي وتبلور فكر وممارسة الحركة النقابية.
ب- بالعالم الإسلامي كطرف:
عرف العالم الإسلامي بدوره أحداثا سياسية كبرى، ارتبطت بالتطور الذي كانت تعرفه القارة الأوربية
خاصة بقسمها الغربي، وتعرضه للضغوط الإمبريالية.
شنت فرنسا حملة عسكرية على مصر خلال عهد نابليون بونابارت سنة 1799م، ثم التنافس الإمبريالي
على بلدان المغرب العربي الذي انتهى بفرض سيطرته الاستعمارية (احتلال فرنسا للجزائر سنة 1830
واحتلال تونس سنة 1881) مرورا بعقد مؤتمر برلين 1885 وتقسيم القارة الإفريقية (احتلال إيطاليا لليبيا
سنة 1911 وفرض الحماية الفرنسية على المغرب سنة 1912).
الضغوط الأوروبية على الإمبراطورية العثمانية خلال القرن 19، والإصلاحات المتخذة وانعكاساتها على
أوضاع الإمبراطورية، ثم المحاولات المصرية لإقامة دولة مستقلة ارتباطا باليقظة الفكرية التي عرفها
المشرق العربي خلال هذه الفترة.
ІІ – الإطار الجغرافي للبرنامج:
شهد التراب الأوربي معظم التحولات التي عرفها العالم الرأسمالي خلال القرنين 19و20، فبأوربا
ظهرت الثورة الصناعية ومنها انطلقت شرارة الحرب العالمية الأولى .
تأثرت القارة الإفريقية خاصة قسمها الشمالي، فالمغرب تعرض لضغوط إمبريالية انتهت بفرض الحماية
عليه رغم المحاولات الإصلاحية التي حاول تطبيقها.
عاشت رقعة المشرق العربي أيضا أحداثا مهمة، انطلاقا من أراضي ومستعمرات الإمبراطورية العثمانية
والمحاولات التحديثية التي عرفتها مصر.
ІІІ – إشكالية برنامج مادة التاريخ:
تطرح علينا إشكالية البرنامج استرجاع مكتسبات المادة من خلال معرفة التحولات العميقة التي عرفها
العالم الرأسمالي وتأثيرها على باقي دول المغرب العربي (حالة فرض الحماية على المغرب) والمشرق
العربي (الضغوط الإمبريالية على الإمبراطورية العربية، ومحاولات الاستقلال المصرية).
من هنا نرى أن هذه التحولات تطبعها الشمولية (اقتصادية، سياسية، اجتماعية، فكرية) والتعددية الجغرافية
(دولية، إقليمية، وطنية)، أي ارتباط ما هو داخلي بما هو خارجي.
هناك أيضا أسئلة فرعية للبرنامج حول:
ـ مظاهر التحول التي عرفها النظام الرأسمالي بأوربا وخارجها.
ـ جوهر التحول في النظام الرأسمالي.
ـ كيف مارست القوى الرأسمالية سيطرتها على العالم؟
ـ كيف تعاملت الأطراف الأخرى مع التغلغل الإمبريالي؟
خاتمـة:
تعتبر فترة القرنين 19و20 غنية بالتحولات الكبرى التي أثرت في العالم
المعاصر، ولا زالت تنعكس على حياة الساكنة العالمية.